آخر المواضيع

مقالات سياسية

مقالات فكرية

الأدب

هذربات

9/12/2015

هل قتل خالد ابن الوليد مالك ابن نويرة؟

لم أكن ارغب بأن يذهب الموضوع الذي كتبته على موقع الفيسبوك هذا المنحى ولكن الواقع اننا غالبا ما نتهم الآخرين بالجهل ونحن انفسنا غير واعين ولا عارفين لتفاصيل ديننا ونتوه حين يدخل البعض تفاصيل جديدة علينا فنبدأ بإلقاء الاتهامات عليهم.

في قضية الصحابة غالبا ما يتم اتهام من يفتح بوابات التاريخ وينبش في تاريخ الاسلام الاول انه رافضي شيعي او علماني ملحد. على كل الاحوال فالتاريخ مفتوح للجميع ومراجعة المصادر التاريخية لأحداث تاريخية لا شان له بالدين ولا علاقة للصحابة وايماننا بهم بالإسلام فالإسلام شعائر وليس اشخاص وحتى وإن كان هناك من يلقي الاتهامات جزافا على صحابة الرسول فهذا لا يجعل منه كافرا ولا زنديقا فالإسلام، حسب الرواية السنية، بني على خمس ولا واحدة منها تتحدث عن محبة واحترام وتقديس الصحابة وإنما علينا من الناحية الاخلاقية تسمية الاشياء بمسمياتها فلا يجوز لنا تبرير القتل إن صدر من صحابي ولا قبول القاء الاتهامات جزافا عليهم.

العشرة المبشرون بالجنة:

إن اسوء ما يحصل مع الباحث عن الحقيقة في القضايا الدينية الاسلامية هو عدم وجود منهج واضح في المرجعيات الدينية سواء السنية او الشيعية. ففي موضع يعتمد على أحاديث الترميذي وسنن أبي داود وتعتبر صحيحة ومواضع اخرى لا يرجع لها ولا تعتبر صحيحة وبغض النظر عن تصنيف الحديث نفسه فإن المنطق الوحيد لفهم آلية اعتماد الأحاديث هو تناقض او توافق الحديث مع رغبات الإفتاء وتوجهاتها.

فحديث المبشرين بالجنة حديث ضعيف على الأقل في متنه والذي يتناقض مع المنطق القرآني وهو وليس مذكورا، حسب بحثي، في كتب الصحاح (البخاري ومسلم) ولم أجد أي أدلة عن الآلية التي اعتمد عليها أهل السنة في اعتبار هذا الحديث صحيح او اعتبار ان الحديث يعتبر من هؤلاء اشخاص غير قابلين للنقد.

في سورة النور "وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ" فإن كان الرسول لا يعلم المنافقين فكيف له ان يعرف المبشرين بالجنة؟ ثم ان معرفة الغيب قضية متعلقة بالله تعالى وحده والرسول لا يعلم إلا ما أعلمه اياه الله من خلال القرآن فلم لم يتم تحديد هؤلاء وتكريمهم في القرآن؟ ولم نقبل نحن بحديث متنه ضعيف؟

لا يبدو أن هناك أي مرجع واضح المعالم يؤكد قضية العشرة المبشرين بالجنة إلا أن رجال الدين يصرون دائما على تسفيه اي نقد لهذه الاحاديث والإصرار على التناقض مع القرآن لاسباب ستوضح لاحقا في هذا البحث المبسط.

الإصرار على الكذب والتكذيب:

أحد اهم آليات الدفاع، التي يستخدمها الفكر الوهابي بالخصوص والفكر الاسلامي السلفي من سنة وشيعة بالعموم، تعتمد على تكذيب الآخر والالقاء الإتهامات عليه كذبا للتقليل من قيمة نقده واعتباره عدوا للدين لا ناقدا للأفكار وبحثا عن الحقيقة.

علينا ان نعلم ان تجارة الدين تشكل مصدر رزق اساسي لكل من يسمي نفسه داعية او رجل دين وهنا بدأت المشكلة ففي بدايات توسع الدين خرجت علينا مجموعة علماء عملت سوءا بحسن او سوء نية على وضع اسس علوم الدين الدين المعتمد حاليا والتي جعلت من الدين موضوع صعب بحاجة لرأي مختص فيه ليقرر صحة الافعال من عدمها. إن عملية تعقيد الدين هذه كانت بحاجة لأداة مبهة يعتمد عليها وهنا بدأ تدوين الحديث وجمعه.فالأحدايث تشكل حاليا ما لايقل عن 80% من الدين الحالي والمعتمد لدى اهل السنة والذي يبني وبنى عليه رجال الدين اسس وظيفتهم. 

أما اهم ركائز علم الحديث فهوالاعتماد على قاعدة ملخصها ان جميع صحابة الرسول اشخاص عدول وعليه فإن اي كلام يتم تأكيد نسبه اليهم هو حديث صحيح لا غبار عليه ذلك انهم اشخاص لا غبار عليهم. وقد تناسوا ان من هؤلاء الاشخاص منافقون لا يعلمهم إلا الله ولا يعلمهم الرسول نفسه.

في الكتب الدراسية ركزوا علينا بقضة مقتل عمر ابن الخطاب على يد مجوسي وتم تناسي ذكر تفاصل موت عثمان وعلي على أيدي المسلمين انفسهم واسباب هذا الخلاف الذي أدى لموتهم رغم اننا في 1500 عام القادميين كانت معظم حروبنا الداخلية مرتبطة بمقتل عثمان ومن بعده علي وخاصة بما يتعلق بمقتل عثمان والدولة الاموية وبداية تأسيس دولة تتحكم بالافراد باسم الدين.

لذا سيتم مهاجمة أي نقد يوصل بنا إلى حقيقة ان الأحاديث النبوية وآلية جمعها وتدقيقها غير دقيقة وغير علمية ذلك ان الأحاديث والروايات المرتبطة بها هي الاساس الاول للفكر السني الحديث والذي يعتمد على فكرة الحاجة للإفتاء.

فيما يتعلق بمالك ابن نويرة وخالد ابن الوليد:

سأكتفي بصورة من  3 مراجع اساسية للمسلمين السنة وهي مرجع لابن الاثيروابن حجر العسقلاني والطبري وهذه المرجعيات التاريخية اعتمدها اهل السنة في كل دراستهم عن الصحابة لن املي عليكم راي، امامكم الكتب ولكم ان تفهموا منها ومن التعليقات عليها ما ان كان مالك مرتد ام لا وان كان خالد تعمد قتله ام لا وهذا من ردود افعال صحابيين مهمين عمر وابو بكر:

أسد الغابة في معرفة الصحابة لإبن أثير:

الإصابة في تمييز الصحابة لإبن حجر:



تاريخ الطبري:

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مِنْ عَهْدِهِ إِلَى جُيُوشِهِ أَنْ : " إِذَا غَشِيتُمْ دَارًا مِنْ دُورِ النَّاسِ فَسَمِعْتُمْ فِيهَا أَذَانًا لِلصَّلاةِ فَأَمْسِكُوا عَنْ أَهْلِهَا حَتَّى تَسْأَلُوهُمْ مَا الَّذِي نَقَمُوا ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعُوا أَذَانًا فَشِنُّوا الْغَارَةَ فَاقْتُلُوا وَحَرِّقُوا " ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ لِمَالِكٍ بِالإِسْلامِ أَبُو قَتَادَةَ الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ ، وَقَدْ كَانَ عَاهَدَ اللَّهَ أَلا يَشْهَدَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ حَرْبًا أَبَدًا بَعْدَهَا . وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُمْ لَمَّا غَشُوا الْقَوْمَ رَاعُوهُمْ تَحْتَ اللَّيْلِ ، فَأَخَذَ الْقَوْمُ السِّلاحَ ، قَالَ : فَقُلْنَا : إِنَّا الْمُسْلِمُونَ . فَقَالُوا : وَنَحْنُ الْمُسْلِمُونَ . قُلْنَا : فَمَا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ ؟ قَالُوا لَنَا : فَمَا بَالُ السِّلاحُ مَعَكُمْ ؟ قُلْنَا : فَإِنْ كُنْتُمْ كَمَا تَقُولُونَ فَضَعُوا السِّلاحَ . قَالَ : فَوَضَعُوهَا ثُمَّ صَلَّيْنَا وَصَلُوا وَكَانَ خَالِدٌ يَعْتَذِرُ فِي قَتْلِهِ ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَهُوَ يُرَاجِعُهُ : مَا أَخَالُ صَاحِبَكُمْ إِلا وَقَدْ كَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا . قَالَ : أَوَمَا تَعُدُّهُ لَكَ صَاحِبًا ؟ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ وَأَعْنَاقَ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا بَلَغَ قَتْلَهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تَكَلَّمَ فِيهِ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فَأَكْثَرَ ، وَقَالَ : عَدُوُّ اللَّهِ عَدَى عَلَى امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ نَزَا عَلَى امْرَأَتِهِ ، وَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَافِلا حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعَلَيْهِ قِبَاءٌ لَهُ عَلَيْهِ صَدَأُ الْحَدِيدِ ، مُعْتَجِرًا بِعِمَامَةٍ لَهُ قَدْ غَرَزَ فِي عِمَامَتِهِ أَسْهُمًا ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَانْتَزَعَ الأَسْهُمَ مِنْ رَأْسِهِ فَحَطَّمَهَا ، ثُمَّ قَالَ : أرئاء امْرَأً مُسْلِمًا ثُمَّ نَزَوْتَ عَلَى امْرَأَتِهِ ، وَاللَّهِ لأَرْجُمَنَّكَ بِأَحْجَارِكَ ، وَلا يُكَلِّمُهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَلا يَظُنُّ إِلا أَنَّ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مِثْلِ رَأْيِ عُمَرَ فِيهِ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ الْخَبَرَ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ ، فَعَذَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَتَجَاوَزَ عَنْهُ مَا كَانَ فِي حَرْبِهِ تِلْكَ . قَالَ : فَخَرَجَ خَالِدٌ حِينَ رَضِيَ عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : هَلُمَّ إِلَيَّ يَا ابْنَ أُمِّ شَمْلَةَ . قَالَ : فَعَرَفَ عُمَرُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ رَضِيَ عَنْهُ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ وَدَخَلَ بَيْتَهُ ، وَكَانَ الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنِ نُوَيْرَةَ عَبْدُ بْنُ الأَزْوَرِ الأَسَدِيُّ . وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ : الَّذِي قَتَلَ مَالِكَ بْنَ نُوَيْرَةَ ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ " 

الخاتمة:

لكم كافة الحق في اعتبار ما ترونه مناسبا من هذه المراجع او حتى الإدعاء بأنها كلها غير صادقة ولكن لا يحق لأحد بان يتهم من اعتمد هذه الاحاديث بالزندقة ذك ان هذه المرجعيات نفسها اعتمد عليها اهل السنة والجماعة لبناء كل قصص الصحابة المتداولة كل ما هنالك انهم اقتطفوا من هذه الكتب ما يرونه مناسبا له وتركوا ما يرونه غير مناسب لهم. 

البحث عن الحقيقة مهمة واجبة على الجميع فابحث عنها ولا تصدق الاشخاص لمعتقداتهم الدينية فمن يسترزق من مهنة لا يمكن ان يساهم في تدميرها وهؤلاء غالبنا ما يسترزقون منها فكيف لهم ان يكونوا منصفين؟