"مسلم مسيحي"
"أسعار منافسة جدا"
"الدفع بعد الوصول"
"كفالة"
"نتميز بخدمة ما بعد الوصول"
الكلام أعلاه مقتطفات من إعلانات ما يسمى شركات استقدام الخادمات. وقد قصدت عن اصرار وترصد ترتيب الجمل لتوضح ليس فقط رؤية هذه الشركات للعمالة الوافدة وخاصة المنزلية ولكن رؤية المجتمع وتأصيله للافكار التي تمارسها الجماعات التكفيرية تجاه الآخر.
![]() |
صورة تعبيرة لرؤية المجتمع للمرأة العاملة |
في الإعلانات ما يميز الآخرين عنصريا بين مسلم ومسيحي، فلبيني واندونيسي وسيريلنكي. وهو اصلا جزء من المنظور العام للعمالة المنزلية فتوصف العاملة بسريلنكية فتقول السيدة جبت سيريلنكية تساعدني بشغل البيت مع العلم بان سيريلنكا دولة وليست مهنة.
ثم هناك الاسعار، نحن نشتري ونبيع ونضع اسعار ونقول هذا غالي وهذا رخيص، تماما كما في اسواق النخاسة (بيع العبيد) في العصور الغابرة. إلا أن الاختلاف هو بالتسميات وطرق البيع والشراء. فالعاملة يسحب منها جواز سفرها وتمنع من السفر الا بموافقة اصحاب المنزل. العمل لساعات غير محدودة والسكن بمكان بالغالب لا يعطيها الخصوصية والراحة اللازمتين. فنحن نشتري العاملة بغرض استخدمها لفترة معينة او اننا نستأجرها ولا نستأجر خدماتها. بالمقابل نحن انفسنا نرفض من صاحب العمل استغلالنا وتشغيلنا ساعات عمل اضافية دون مصارف الوقت الاضافي ونرفض ان نقيم في منزل صاحب العمل وتحكمه في خروجنا وعودتنا.
هناك أيضا ضمانات، الدفع عند الاستلام وقد يأتي يوم يتم توصيل العاملات بالبريد السريع. وهناك كفالة بعد التسليم لضمان بقاء العاملة في الاسر رغم كل الضغوط بحيث لا يتحمل صاحب المنزل اي عبئ مادي. رغم انه نفسه يعطي لنفسه كل الحق بثلاثة شهور لدراسة المؤسسة التي يعمل بها، بحيث يكون من حقه ترك العمل دون سابق انذار ودون اي مسؤولية. بالنهاية هناك خدمات ما بعد البيع تكفل لك حسن الاقامة والتبديل في حال عدم الرضى .... اعدها وسنعيد لك كافة النقود في حال لم يعجبك المنتج.
إن ما تقوم به الجماعات التكفيرية في العراق والشام من سبي للنساء واستعباد لهن لا يختلف عن عمليات استقدام العاملات وطرق التعامل معهن من الناحية المنطقية ولكن الاختلاف يأتي لشكليا، فتجمل كلمة استقدام العاملات مفهوم الرق لدينا ونتوافق معه ونقبله ذلك اننا، نظن، بأننا بهذه الطريقة نحترم العاملة ولا نجعل منها أسيرة او سبية بفضل الراتب الشهري والذي في كثير من الاحيان لا تحصل عليه العاملة.
إن حربنا ضد هذه الجماعات ورؤيتها المغلوطة لدين، كما نزعم، ما هي الا حرب على الشكليات فقط فهذه الجماعات عندها ايمان وثقة اكبر بنفسها يجعلها ترفض انصاف الحلول وتتعامل مع الامور بمبدء الوضوح وعدم الخجل. على العكس من باقي المجتمع والذي يرفض الاضطهاد ويمارسه بنفس الوقت على من هم ادنى منه في سلسلة المجتمع الأبوي الذكوري حيث تمارس الاقلية الحاكمة في المجتمع اضطهادها ضد الاكثرية وهكذا حتى نصل إلى المنزل فيمارس الاب (الذكر) اضطهاده ضد المرأة والاولاد ورغم كل ذلك نلون هذا الاضهاد بألوان براقة ندعي انها الحرية وعصرية.