آخر المواضيع

مقالات سياسية

مقالات فكرية

الأدب

هذربات

10/13/2015

في الرد على ديموقراطية اللعنف والانسانية



يؤكد صديقي على وجوب سلمية المقاومة السلمية ويرى ان ما يحصل اليوم في فلسطين ابتعاد عن السلمية باتجاه العنف والذي، برأيه، لن يحقق الحلم بالحرية فقد اثبت فشله على مدى السبعين عام، تقريبا، من الصراع العربي الاسرائيلي على الارض ليستشهد بالكفاح السلمي لغاندي في الهند كتجربة لاعنف نجحت في تحقيق أهدافها بوقت قصير لا يتجاوز 8 سنوات.

ليس صديقي حالة نادرة بل هو حالة متاصلة بل ولها الحق في التواجد لان الكثير مثله يستعصي عليهم فهم الواقع الحالي في فلسطين خاصة مع كمية الحقد العربية، تلك التي تقود الحراكات على الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي. فغالبا ما يستسهل العربي ان يعبرعن كراهيته او سخطه بكلمات ومدلولات فيها عنف ولكنه يستصعب التعبير عن التسامح والمحبة.

ولا نستطيع ان ننكر ان الكراهية هي ما يقود صراعنا مع الصهاينية،أحيانا، إلا أنه ليس الميزة الأعلى والأولى في هذا الصراع من الجانب العربي. فالصراع بالنسبة للفلسطينيين هو صراع لأجل البقاء مقابل آلة عسكرية لا تعترف بوجودهم ولا تريده. ومع الضغوط اليومية والتضييق على الفلسطينيين بسرقة اراضيهم وتدمير بيوتهم وزراعة حائط الفصل العنصري وقصف منازلهم وعزلهم في مستعمرات مغلقة تسمى حكم ذاتي. كل هذا وتزيد عليه المضايقات والتجاوزات الدينية من اهانة وتدنيس لمقدسات المسلمين والمسيحيين. لذا فإن الفلسطنيين غاضبيين اكثر مما هم كارهين للصهاينة فهناك شعور دائم بعدم الامان وعدم الاستقرار تتقصد اسرائيل زراعته في الداخل الفلسطيني لإشعارهم بعدم الامان والرغبة في الخلاص لايمان الصهاينة العميق بأن الحل الوحيد هو حل الدولة الواحدة الصهيونية الخالصة من النهر إلى البحر.

وهنا نعود لغاندي لنفهم منظوره للمقاومة بلا عنف حيث يقول غاندي "إنني قد ألجأ إلى العنف ألف مرة إذا كان البديل القضاء على عرق بشري بأكمله". إن غاندي كان يفهم تماما ان البريطانيين يمكن التعامل معهم بهدوء وحنكة ذلك لعدة أسباب أولا ان الشعب البريطاني طالته العديد من التبدلات نحو التطور بمفاهيم حقوق الانسان ورغبة النظام الحاكم أن يواصل هذه المسيرة مع شعبه. ثانيا بدأت تخبو وتتضائل سياسية الاستعمار العسكري وتحولت نحو الاستعمار الاقتصادي والسيطرة بلا تكاليف في الاروح والاموال. لذا لم يواجه غاندي عنفا مفرطا او رغبة في إنهاء عرقه او شعبه والسيطرة على ارضه، بل الاستفادة واستغلال جهود شعبه وقدراتهم لصالح بريطانيا او لصالح مجموعة من الاشخاص والمؤسسات والشركات الاحتكارية.

لذا يعتقد صديقي ان القضية متعلقة بتطور الديموقراطية  إذ ان العمل اللاسلمي والعنيف أصبح غير مقبول وان المحتل تغييرت رؤيته ولم يعد قادرا على استخدام القوة المفرطة تجاه المدنيين العزل. إلا انه تناسى ان دولة اسرائيل تضرب بكل اساس الديموقراطية والمدنية الحائط حين  تعتبر المواطنين العرب في اراضيها درجة ثانية. وحين كما وصفنا سابقا تستخدم كل اساليب العنف لطرد الفلسطينيين من اراضيهم. ثم إن الديموقراطية والحرية نفسها هي التي استخدمت في تدمير افغنستان والعراق وليبيا وسوريا واخيرا وليس آخر، اليمن. إن الديموقراطية ممكن ان تستخدم كآلة لقمع الشعوب كما هي آلة لحريتهم . كما انه لم يزداد شعور العالم بالامان والحرية في السنوات الاخيرة رغم تطور مفاهيم حقوق الانسان ذلك ان هنالك مجموعات مازالت تستطيع اختراق هذه المفاهيم وتحويرها كما تشاء.

وبالعودة مجددا لغاندي فإنه يؤكد على وجوب التسلح إذا كان الخصم الذي يمتلك قوى قاهرة جبارة بلا ضمير أو أخلاق وهنا يجد أنصار اللاعنف أنفسهم أمام الموت المحتم، لذا لا بد من حمل السلاح ومع ذلك كله فإنه وفي مواجهة العنف المعاصر فإن غاندي ينصح بالعودة إلى قوة الروح.(*)

إن ما يمكن فهمه او تلخيصه لمفهوم غاندي لسياسة اللاعنف أن المحتل يمكن مقاومته بقوة الروح خاصة مع الفرق الكبير في التسليح فغالبا ما يكون المحتل مدجج بكافة أنواع السلاح اما المقاوم لا يتجاوز تسليحه بضع رشاشات واسلحة خفيفة.  وبما أننا في عصر نحاول فيه كسب اكبر قدر من المؤيدين حول العالم لذا فإن قوة الروح تفرض علينا إعادة تنظيم الكفاح الفلسطيني ليشكل التهديد الواجب لإخافة العدو وتهديده للوصول لأهدافنا ولكن بأقل استخدام ممكن للعنف. إننا بهذه الطريقة نستطيع ان نضبط انفسنا ونعيد بنائها لتكون نفس قوية وذكية قادرة على هزم المحتل، بالإضافة لقدرتها علةى كسب شعبية عالمية وتعاطفا عالميا يساهم في صناعة ضغط دولي على المحتل.

------------------------------------------